الصّلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ (الأعلى 15)

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (النور 41)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا(41)وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (الأحزاب 43)

إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (الأحزاب 56)

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (التوبة 103)

إن أصل الصلاة من الصلة، وهي صلة بين العبد وربه قالِبُها الدعاء، لا تحتاج إلى إقامة وطقوس، يؤديها كل إنسان له بالله صلة على طريقته الخاصة. (وقد وردت في كتاب الله “الصلاة” بالألف).

وصِلة الله معنا، هي إخراجنا من الظلمات إلى النور (الأحزاب 43) وصلاة النبي على المؤمنين هي رحمة وسكينة لهم (التوبة 103) وصلاة الله وملائكته على النبي هي صلة الوحي مباشرة لبعثه رسوﻻً (الأحزاب 56).
أما لماذا قال على النبي وليس على الرسول ﻷن النبي كان مجتهداً في مقام النبوة، وبالتالي اﻻجتهاد ما زال قائماً إلى اليوم، والغيبيات هي من مقام النبوة وسيظل تأويلها مع الزمن إلى أن تقوم الساعة. بينما في مقام الرسالة كان على الرسول البلاغ فقط “مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (المائدة 99)“، وفي بلاغ الرسالة كان معصوماً “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (المائدة 67)” ولم يكن معصوماً من مقام النبوة، لذا فإن أطروحات عدالة الصحابة وعصمة اﻷئمة وعصمة آل البيت أطروحات كاذبة ﻷنها ذات منشأ سياسي بامتياز.
والله صلّى على النبي وطلب منا أن نُصلي عليه، ونحن كررنا اﻵية وهذا غير مطلوب أصلاً، أي طلبنا من الله مرة ثانية أن يصلي عليه، والمفروض أن نقول “إن الله وملائكته يصلون على النبي ونحن نصلي ونسلم عليه”وليس “صلى الله عليه وسلم”، وصِلتنا مع النبي تكون في البرلمانات ومراكز اﻷبحاث العلمية، وهي صلة متطورة، بينما صِلتنا مع الرسول تكون من خلال الشعائر، وهي ثابتة لا تتطور مع الزمن، وينطبق عليها “كل بدعة ضلالة”.

والصلة مع الله ﻻ تحتاج إلى وضوء أو إقامة، وهنا يجب أن نميّز بين المصلين ومقيمي الصلاة، فبمجرد أن تذكر اسم الله فأنت من المصلين لقوله تعالى “قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (الأعلى15)” وعندما قال تعالى “إنا أعطيناك الكوثر (1) فصل لربك وانحر (2)” لم يقصد إقامة الصلاة أينما وردت في التنزيل الحكيم، و مقيمو الصلاة هم بالضرورة من المصلين، والعكس غير صحيح ذلك أن المصلين ينقص إيمانهم بدون إقامة الصلاة.

و عكس “المصلين” في كتاب الله هو “المجرمين“، والمجرم من قطع صلته بالله وكذب بالله واليوم اﻵخر، وهؤﻻء ليس لهم حساب عند الله إطلاقا “وﻻ يسأل عن ذنوبهم المجرمون” و “هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون” و “كلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (المدثر 46)” و “أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (الماعون 7)” و هنا ذكر أن من سهى عن الصلة مع الله فأول خطوة له هي تكذيب الدين كله (قطع الصلة مع الله نهائياً) وقطع فعل العمل الصالح مع الناس، ونحن نقول أيضاً أن القاتل مجرم ﻷنه بعملية القتل قطع صلته بالمجتمع وبفعل الخير، أي أن من له صلاة بشكل ما مع الله هو ليس مجرماً، بل هو من المسلمين لقوله تعالى “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ (القلم 40)“.

المصلين هم المسلمون. أركان الإسلام

مقيمي الصلاة هم المؤمنون. أركان الإيمان